مر اليوم ذكرى مجزرة فض اعتصام القيادة و ما خلفته من شهداء أماجد، و يصر شعبنا أن يحييها بشوارع حية تسعى الى القصاص، و مسيرات وازنة زينت محطة (٧) في الصحافة و المركز و الحاج يوسف و مدني و عطبرة و غيرها من الأماكن، في الثالث من يونيو ٢٠٢٢م. مسيرات حية و فاعلة برغم إغلاق العصابة للكباري هلعا، تؤكد على أن قضية الشهداء حية و جرحها أخضر و مازال ينزف، و ألا إفلات من العقاب للعصابة التي أدمنت قتلنا، و أصرت على ألا ينتهي إحياء الذكرى اليوم ، حتى يرتقي شهيد جديد برصاصة في الصدر، في تأكيد جديد لمسئوليتها عن فض الاعتصام. فالعصابة الحاكمة الآن، هي اللجنة الأمنية للإنقاذ التي نفذت إنقلاب القصر و كانت تحكم حين حدوث المجزرة، و مسئوليتها عن جريمة الفض قائمة ايجابا بنسبة الفعل إليها، بإعتبار أن من إرتكب المجزرة جنود نظاميين يتبعون لها و تحت قيادتها، و هي مسئولة عن أفعالهم في إطار قاعدة السيطرة و القيادة، و على الأقل هي مسئولة عن إمتناعها عن القيام بواجبها في حماية المعتصمين و توفير الأمن لهم. و لأنها تعلم بأنها لن تفلت من العقاب في حال سقوطها، تستمر في ارتكاب جرائم القتل خارج نطاق القانون بعد إنقلابها الكاشف الأخير، في محاولة فشلها أوضح من شمس الظهيرة لتثبيت سلطتها و حماية مكتسباتها.
و بالرغم من كل هذا ، يحدثنا البعض عن وجوب التفاوض مع هذه العصابة في إطار جهود الآلية الثلاثية المنحازة لتعويمها، للوصول لتسوية لن تقود إلا لهبوط ناعم كامل الاركان ، و تثبيت لمكتسبات التمكين.
و الحقيقة هي أنه لا يمكن ان تصل الى تسوية مع انقلاب عسكري فرض نفسه بقوة السلاح كسلطة أمر واقع، و لا مع قوة إجتماعية ترفض رفضا قطعيا التنازل عن مكتسبات تمكينها الإقتصادية و الأمنية و العسكرية، و لا يمكن أن تصل لتسوية مع مجرمين إلا بالتنازل عن مبدأ محاسبتهم و السماح بإفلاتهم من العدالة.
لذلك لا بد من مواصلة النضال لإسقاط هذه العصابة التي تمثل رأس مال طفيلي ليس لديه القدرة على المساومة و تقديم تنازلات حقيقية، و سعيه دائماً لإلحاق الآخرين به من مواقع الإشراك لا المشاركة.
فالتفاوض مع هذه العصابة، هو إعتراف صريح بأنها جزء من المعادلة السياسية المستقبلية، و ليس فقط اعطاء مشروعية للانقلاب كسلطة و شريك في المعادلة السياسية الراهنة فقط. و هو تفاوض لا نتيجة له في صالح الشعب الثائر ، الذي لا سبيل لخلق مستقبل له إلا بهزيمة رأس المال الطفيلي الحاكم و إبعاده عن الطريق. و هذا بالطبع يحتم وجود تحالف قاعدي للقوى الجذرية الناشطة سياسيا و الفاعلة في القطاع الحديث ، و من يلتحق بها من القطاع التقليدي، على عكس ما ينادي به بعض الثورويون الذين يرون بأن الوضع غير ناضج لتحالف جذري بحكم التركيبة الطبقية للمجتمع السوداني. فرفض التحالف الجذري ، لا يعدو حالة كونه دعوة للمساكنة في تحالف شكلي بين قوى الثورة الجذرية و التيار التسووي مجددا، لن يقود إلا إلى تسوية مجحفة بشعبنا ، و شراكة دم جديدة اليد العليا فيها للعصابة الحاكمة و لراس المال الطفيلي. و هذا تجريب للمجرب و وصفة تقود لفشل حتمي و لتصفية الثورة.
و هذا النهح هو نفس نهج من يعول على الآلية الثلاثية، و يفضل بعض اطرافها على الاطراف الأخرى، في تضخيم غير محق للتناقضات الثانوية بين اطرافها. فالآلية برمتها و على رأسها فولكر ، تسعى الى تسوية تصنع شراكة جديدة بين التيار التسووي و العصابة الحاكمة ، على حساب الشعب السوداني و ثورته، و خلافها خلاف كمي لا نوعي، بين من يتماهى كليا مع العصابة، و من يسعى للضغط عليها لتقديم بعض التنازلات للتيار التسووي لحفظ ماء وجهه و تمكينه من تسويق التسوية و شراكتها.
في مقابل ذلك شعبنا قد حدد مساره و قدم شهداءه و لن يخون دمائهم، لهم المجد و التحية و الخلود. و لاءاته الثلاثة هي عهد الاستمرار في طريق الشهداء لتحقيق اهدافهم التي استشهدوا من اجلها، و القصاص من قاتليهم و منع الإفلات من العقاب. و لا سبيل إلى ذلك سوى نضال متواصل بعيدا عن موائد اللئام و مفاوضاتهم العبثية، لحين سقوط نظام العصابة تحت قبضات المناضلين و هتافهم الممدود صوب القصر. فحي على النضال.
و قوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!!