” الجريدة “ هذا الصباح… دخلنا مسجد الجامعة، وكان المسجد مكتظاً بالثوار، ونبهنا أحدهم أن هناك ثوار (نائمين)، وذهبت أنا ومجموعة من الثوار لايقاظهم واصبحنا نضرب في الأبواب انهضوا يا ثوار الإعتصام بدأ فضه ، وهناك من استجاب وهناك من لم يصدق ذلك وارجع ذلك لجهة كثرة الإشاعات التي سبقت الفض، .... ...... سألت احد الذين ذهبوا برفقتي الى شارع النيل وهو من أبناء دارفور ما رأيك فأجابني " game over نحن نعرف أجواء الحرب "
في الذكرى الثالثة لمجزرة فض الاعتصام
.... شهود عيان يرون تفاصيل مروعة!!
الجريدة: فدوى خزرجي
تتجدد الأحزان في كل عام في الشهر الفضيل ذكرى مجزرة فض اعتصام القيادة العامة، التي تحولت فيها ساحة الاعتصام خلال ساعات الى ساحة ابادة جماعية ( قتل وحرق واغتصابات) في رابعة نهار رمضان، ويمر ذلك اليوم والبلاد تكسوها العتمة، والعيد يطرق على الأبواب ، ومنذ ذلك اليوم وما يزال قلب الشعب السوداني مفطور بالحزن، وتذرف عيونه الدموع، فمجزرة فض الاعتصام طعنة نجلاء في خاصرة القوات المسلحة لأنها وقعت امام بوابتها ، وليس ذلك فحسب بل اغلقت البوابات في وجه الثوار الذين جاءوا ليحتموا بها وتم طردهم في ذلك اليوم، ولما كانت (الجريدة) مهتمة بتوثيق للحراك الثوري جلست الى 15 شاهد عيان شهدوا مجزرة فض الاعتصام وتبدأ توثيقها مع الشاهدين " س ، ع "
هتافات الثوار:
كانت ساحة اعتصام القيادة العامة في العام 2019م تعلو باصوات المعتصمين الذين يهتفون هتافات تشق عنان السماء ، شاهرين فيها سلاح سلميتهم، ومطالبهم البسيطة والشرعية وكان يرددون "انا ما فاطر انا باقي صمود كيف افطر واخوي مفقود، وانا ما فاطر انا راكب رأس كيف افطر وانا لي قصاص" بجانب الهتافات الاخرى التي تتطالب بالحكم المدني والسلام والحرية والعدالة " انا ما راجع انا لي مطالب جيبو حكومة الحكم المدني ودم الكوز القتل الطالب" .
سنياريو رابعة العدوية:
قبل الحادثة كانت ساحة الاعتصام يسودها الهدوء، وكالعادة كان عدد من الثوار يتحلقون حول عازف للعود، وآخرون انغمسوا في جلسات نقاش متفرقة، وبعضهم يمارس هوايته المحببة في لعبة الورق (الكوتشينة)،، وهناك من خلد للنوم داخل خيام الاعتصام .
بداية الحكاية :
جلست (الجريدة) الى الشاهد الاول والثاني وعاد الشاهد الأول بذاكرته الى اليوم الذي تم فض الاعتصام وقال " في ذلك اليوم كنت أبحث عن وجبة عشاء علماَ بان وجبات السحور قد بدأ توزيعها، حيث يُسيطر عليها الأرز باللبن، وحتى أجد طعاما مالحا مررت بمجموعة من الاصدقاء وشرحت لهم طلبي وبعد مغادرتي لهم تجاه ساحة مصطفى سيد احمد إذ بهم ينادون على (تعال راجع جانا صحن عدس) فرجعت إليهم، ووجدتهم يتناقشون حول إحدى بيانات الحزب الشيوعي فهي كانت مثيرة للجدل ، كانت الساعة تُشير إلى الثانية صباحاَ و أصبحنا نتساءل هل سيناريو ميدان رابعة قادم ام لا؟ فرد أحدهم قادم، قلت له الساعة ٢ وبضع دقائق كيف يكون قادم؟ رد آخر هناك حديث يدور عن الفض بدأ قبل أيام ويبدو أنه دعاية ، ورد ثائر آخر لحسم هذا الجدل علينا أن نتوجه الى شارع النيل لأنه سوف يمكننا من قراءة ما يمكن أن يحدث.
وأردف : توجهنا الى شارع النيل ودخلنا بالباب الجنوبي للميدان الشرقي ، وفي الطريق وجدنا مطبخ كافتيريا علوم ضاجا بالحركة والقائمين على الخدمات يوزعون في السحور للثوار ، عبرنا وخرجنا بالبوابة الشمالية ووصلنا شارع النيل شرق البوابة على مقربة من (جداريات الشهداء حاليا) وغربها وجدنا جموع من الثوار أمامهم ترس وخلف ترس آخر من الناحية الغربية "جيش عرمرم تاتشرات مد البصر بها دوشكات يقف خلفها احد العساكر ممسكا بالدوشكا وحوله أفراد يحملون سلاح الكلاشنكوف" هذه التاتشرات مكتوب على لوحاتها "ق. د. س"، وكان يقف أمام التاتشرات مجموعة أفراد يرتدون زي الشرطة ولاحظت أن بعضهم يرتدي "بوت" ابيض يشبه "بوت" الدعم السريع، ولفت الى ان الأزياء التي كان يرتديها أفراد الشرطة الذين ظهروا في ساحة الاعتصام لحظة الهجوم كانت جديدة، وزاد : اما الملاحظة الثانية فقد بدا لنا أن أزياء الشرطة وزعت على القوات على عجل وبعشوائية، تؤكد ذلك المقاسات حيث أن المقاس الصغير تجده يرتديه شخص حجمه كبير ، بالاضافة الى ان أفراد الشرطة كانوا يحملون سياط العنج وعصي (عكاكيز) ودرقات.
اجواء الحرب :
ويواصل الشاهد الأول في افادته " عند وصولنا شارع النيل كانت الساعة تُشير الى الثالثة والربع تقريبا، عندها سألت احد الذين ذهبوا برفقتي الى شارع النيل وهو من أبناء دارفور ما رأيك فأجابني " game over نحن نعرف أجواء الحرب" وتابع الشاهد الأول " فعلا كانت مشاهد الحرب الاولية بدت تسيطر على الساحة خلف الترس الذي يفصل بين هذه القوات والثوار يضجون بالهتافات وخلفنا مباشرة من الناحية الشرقية كبري الحديد "النيل الأزرق" ، أي أن المنطقة المعروفة "بكولمبيا" كانت تقع خلفنا، ظلت الساحة في تلك الليلة تموربزخم الهتافات الثورية وابرزها "يا انت يا وطنك.. جهز عديل كفنك"
مشهد الغدر :
ويواصل الشاهد الثاني في رسم مشهد الساحة في لحظة فض الاعتصام قائلا : بعد ذلك أصبح المشهد مختلفاً حيث بدأ مشهد الغدر واضحاً وكانت هناك حالات كر وفر بتقدم أفراد الشرطة على الثوار وهم يشهرون العصى والسياط ليرجع الثوار إلى الخلف وتبدأ عملية الكر والفر وتراجع أفراد الشرطة ووقفوا أمام التاتشرات وظل الوضع هكذا حتى لحظة الإنتهاء من صلاة الصبح عبر مكبر صوت جامع الجامعة، وفور الإنتهاء من الصلاة تقريبا بدأ الهجوم ، واضاف : بدء الهجوم يدل على أن الإنتهاء من صلاة الصبح هو ساعة الصفر لبداية فض الإعتصام، وبعد ذلك بدأت الدوشكا في إطلاق الرصاص وتقدم الأفراد الذين كانوا يرتدون زي الشرطة بالسياط والعصي تجاه الثوار وبدأوا بضربهم ، وقابل الثوار ذلك بالصمود وازدادت وتيرة ضرب الدوشكا في الهواء، وذكر : بعد ذلك اصبحت ساحة الاعتصام ساحة حرب بحق وحقيقة، الا ان الثوار كانوا صامدين.
وقال شاهد العيان الثاني " بعد ذلك انسحبنا كثوار وكانت الكلاشات تضرب على مستوى منخفض وفي الأسفل، لدرجة انك تسمع صوت الطلقة في اذنيك، واضاف انسحب الثوار وتوزعوا فمنهم من ذهب بشارع الجداريات وارتكز بالترس القريب من كبري النيل الأزرق، ومنهم من صعد الى الكبري بالسلالم ودخل ومعي عدد من الثوار الجامعة عبر بوابة كلية العلوم ، وكانت تُطاردنا القوات التي ترتدي زي الشرطة، وخلفهم الذين يحملون الكلاشات يطلقون الرصاص، عبرنا الميدان الشرقي بسرعة، واخر شخص خرج تم اغلاق باب الميدان الشرقي خلفه ووضع فيه حجر ضخم ، ثم وقف الذين يرتدون الزي الشرطي يلوحون بعصيهم و سياطهم ويتوعدوننا باصابعهم، وعلى الرغم من ذلك كان الهتاف الثوري يشق عنان السماء.
وزاد : وكان من المشاهد المحيرة أننا وجدنا ثوار ترس الميدان الشرقي "شارع الجامعة" في حالة عادية كأنهم لم يعرفوا ماذا يدور في شارع النيل، بعد ذلك نادينا مجموعة من الثوار (يا ثوار تعالوا لترس الكبري فالضرب بي هناك شديد لازم نحمي الإعتصام)، وفي تلك اللحظة أصوات الرصاص سيطرت على المشهد ووصل الرصاص مسجد الجامعة ودخلنا، وبعد ذلك اشتد الرصاص وعدت برفقة عدد من الثوار من ترس كبري النيل الأزرق ودخلنا مسجد الجامعة، وكان المسجد مكتظاً بالثوار، ونبهنا أحدهم أن هناك ثوار (نائمين)، وذهبت أنا ومجموعة من الثوار لايقاظهم واصبحنا نضرب في الأبواب انهضوا يا ثوار الإعتصام بدأ فضه ، وهناك من استجاب وهناك من لم يصدق ذلك وارجع ذلك لجهة كثرة الإشاعات التي سبقت الفض، واردف: بعد ذلك هنالك من تجاوز الرصاص واتجه الى التدريب المهني، وهنالك من انسحب بشارع البرلمان، وهناك ثوار ظلوا صامدين في ترس كبري النيل الأزرق وهم يواجهون الرصاص.
هجوم كاسح على الاعتصام:
ويروي الشاهد الثالث "وصلنا ترس شارع البرلمان جوار الإنمائية وقرب كلية الدراسات العليا جامعة الخرطوم وللمرة الثانية يتكرر المشهد ووجدنا ثوار التروس يعيشون أجواء عادية، فسألناهم يا ثوار ألم تسمعوا صوت ضرب الرصاص ؟ فأجابوا " سمعنا لكن كالعادة قلنا ربما الصوت قادم من سجن كوبر او قوات خارج الإعتصام، وبعد ذلك ارتابوا من حديثنا حول فض الإعتصام وكانت تقف بجانبهم "كنداكة" و طلبنا منها ومن معها ان ينسحبوا، وواصلنا في طريقنا الى شارع الجمهورية وإتجهنا شرقاً كي نمر بجمهورية أعالي النفق الى بري، واضاف : عند وصولنا الى خيمة الصاغة على اليمين وخيمة سنار على الشمال وحينها وصل الرصاص الى مفوضية العون الإنساني، وعدنا ادراجنا وقفنا بالقرب من مكتبة السودان ثم اتجهنا جنوبا حتى وصلنا شارع البلدية وكالعادة وجدنا أحوال الثوار عادية وصاح أحدهم يقول ( يا ثوار الناس تثبت ده رصاص مطاطي) ثم ذهبت إلى ذلك الشخص الذي كان يجلس في كرسي بالقرب من ترس شارع البلدية وجنوب خيمة وادي هور ومنصة شارع البلدية، وسألته كيف عرفت إنه رصاص مطاطي وانت جالس هنا؟ ثم ارتاب من حديثي وانتقل الشك اليه وأدرك ان الإعتصام يتعرض لهجوم كاسح لفضه، وتابع : وظللنا نهتف والبعض انسحبوا جماعات بشارع البلدية وهم يتجهون غرباً تجاه السوق العربي، وكانت هنالك إرتكازات لقوات الدعم السريع في التقاطع بالقرب من مبنى المحكمة الدستورية ومبنى شركة ارياب، وهي مرتكزة في هذه النقطة منذ فترة، كانوا يكتفون بضرب الثوار بالسياط او العصي والثوار منسحبون، وعندما وصل الرصاص شارع البلدية انسحبنا وكنا آخر مجموعة إنسحبت بشارع البلدية تقريبا.
نواصل غدا
الجريدة” الجريدة “ هذا الصباح… تم ضربنا بأعقاب البنادق والهروات والعصي، وكانت لهجتهم قاسية "أرمي العفن الشايلنو دا، وآخر يقول بلهجة (ولد أبوك) هو مات شايلنو لي شنو، أجدعوه الدور عليكم"،
مشاهد من ذكرى فاجعة الاعتصام
الجريدة: يرويها: محمد آدم بركة
في صباح مثل هذا اليوم كانت (الفجيعة) تلتقط أنفاسها الأخيرة لتفرغ ثقلها على قلوب الأمهات، لتنثر أمواج الأحزان على الأرجاء.. وعلى ضفة أخرى كان القلق يتربص بقلوب الكثيرين، لقد استوت الطبخة على نار الخدعة وتبقى موعد الحسم، نعم الحسم في مواجهة المصدر الذي يزعج (السلطان الأكبر وحاشيته) لاستئصاله عن الوجود ليرتاح ضمير السلطان الأصغر الذي يشغله هوس السلطة وبريقها لكي تطمئن أفاعيه المنتشرة على قلب المدينة و (الخلا)، عند الظهيرة تماماً فاح (بوخ) الطبخة ملاحقاً مسامع الناس بما قد يحدث، ولكن ألسن خاسئة تحاول تغيير مسار الرياح حتى لا تعلوا الرائحة على ما تضمره نواياهم المدبرة لخراب التاسع والعشرين من رمضان 2019م والذي لا يزال باق على النفوس وسيظل.
كان مساء الفجيعة ماطر بالغيث الذي غسل دنس الأرض لطهرها قبل أن تسيل عليها دماء النضال، فسالت عند (دغش) الفاجعة وانقشع صبح الارتعاد من ظلام الغدر.. سالت دماء الأبطال على الأرض المبتلة بنعيم الغيث الذي أمطر، وتدثر (الخونة) خلف لوحات الكروزر (ق د س) والهايلوكسات مجهولة الهوية بلوحات يظهر فيها اسم (المملكة العربية السعودية) فأنكرها قائد القطيع، وتستر بنكرانه على الجريمة التي كان وقودها ومدبرها، ولا يزال في نكرانه يحاول طمسها عن الوجود ولكنها باقية.
في صباح الفجيعة كان البطش أعتى وأفظع تلاحقه غلظة القلوب، وكان الصمود مشهود أمام وابل الرصاص وقذائف (البمبان) وبطش البلطجية وأراذل النظاميين خونة الشرف فاقدي الوطنية، كانوا أراذلا تساقطوا على وليمة (فض اعتصام القيادة العامة) من كل الوحدات في المؤسسات النظامية ليظفروا بدراهم بخسة لإرضاء غول الرتب العليا على عرش السيادة، وليته ارتضى ببشاعة المجزرة التي خلفها الأراذل المتسلحين بالعتاد منذ أيام ينظرون مساء الفجيعة التي كانت صباحاً.. في الصباح الفاجع مطلع فجر التاسع والعشرين من رمضان.
لم يمض على الفجيعة وقت طويل حتى برز (الكاذب) في ثياب الهاربين يجابه الفضيحة بتصريحات واهية ليثبت تلبس كتلته الأمنية بهيئتها الانقلابية، ولا يزال الكاذب يتحرى الكذب بالنفي لإبعاد نفسه من مسرح الفاجعة وهو كُتب عند الشعب كذابا، ها هي الآن تمر الذكرى الثالثة للمجزرة والقتلة بيننا يحاولون التملص من ذنب الجرم الشنيع، وننتظر العدل الذي لن يضيع، وكل عام وأمهات الشهداء والجرحى بخير وصمود حتى يبين الحق.
ما شهدته في فض الاعتصام أمر يتنافى مع كل الأعراف الإنسانية، حيث لا يمكن لأي قوة عسكرية كانت أن تتعامل مع مواطنين عزل بتلك الطريقة الشنيعة والبشعة التي تعاملت بها مجموعة القوات العسكرية التي فضت الاعتصام، وكنت أحد الشهود على هذه الواقعة التي بدأ الترتيب لها منذ منتصف الليل حينما تمركزت القوات وأظلمت الإنارة في شارع النيل، كنا لا نرى إلا إشارة (المجمع) للتاتشرات التي تمركزت في شارع النيل وكانت إشارة المجمع بإنارتها الخافتة تبين لنا بعضض من القوات والتاتشرات المتراصة في مشهد ضبابي غير مفهوم، وكنا نسمع أصواتهم وكانوا يستموعون لهمسات الثوار في محاولتهم لمعرفة ما يدور خلف الإنارة المظلمة، بإختصار تمركزت القوات التي فضت الاعتصام بشارع النيل مقابل جامعة الخرطوم، أي شرق جسر النيل الأزرق، وبدأت عملية الفض عقب صلاة الفجرة بدقائق، وكانت البداية هجوم مجموعة من القوات يرتدون إزياء عسكرية مختلفة منها زي (الدعم السريع، زي الشرطة المخصص للعمليات، زي القوات المسلحة، وإزياء أخرى مبرقعة مثل لبس قوات الصاعقة بألوانه المختلفة حسب طبيئئة المنطقة وبيئتها) ولكن الزي الأكثر انتشارا بين القوات التي هاجمتنا من ناحية جسر النيل الأزرق هو زي الشرطة المخصص للعمليات، وزي الدعم السريع، وبداية الفض كانوا فقط يحملون الهروات والعصي وغيرها، عند بلوغهم الصعود للجسر من سلم الكوبري الصغير في الجانب الغربي وآخرين تسلقوا جدار الترس عند مدخل الطريق المؤدي لمحيط الاعتصام من شارع النيل غربي الجسر، عند وصول هذه النقطة وجدوا مقاومة عالية من الثوار بالرشق بالجارة فهربوا متراجعين وتقدم الثوار خطوات، فعادت القوات مرة ثانية بوحشية بدأت باطلاق الرصاص مباشرة على الثوار، ثم هربوا مرة ثانية وعادوا في المرة الثالثة لا شيء غير الرصاص، إلى جانب أصوات غنابل صوتية وبمبان، ومن بين الأصوات استطعت أن أميز صوت (الدوشكا، ورشاش القرنوف، والغنبلة الوتية بدوي انفجارها المرعب)من ضمن الذين سقطوا بجواري الشهيد (أحمد كهربة) حملناه رفقة آخرين من آخر ترس قبل الجسر حتى عيادة التدريب المهني، قبل الوصول للعيادة تمكن بعض القوات الوصول إلينا وتم ضربنا بأعقاب البنادق والهروات والعصي، وكانت لهجتهم قاسية "أرمي العفن الشايلنو دا، وآخر يقول بلهجة (ولد أبوك) هو مات شايلنو لي شنو، أجدعوه الدور عليكم"، في العيادة تعرف أحد الكوادر على أنني مصاب من خلال الدماء التي كانت تسيل من الرأس حتى إمتلأ القميص، وشخصوا الإصابة حينها بأن عيار ناري طائش على الرأس" هذه القوات أطلقت الرصاص بكثافة على عيادة التدريب المهني فما كان لنا الأ الفرار منها دون الاكتراث لإصاباتنا أو المصابين والشهداء من حولنا، شاهدت بعيني حالات الاغتصاب وهو أمر خارج التوقعات، وظلت المشاهد هذه تلاحقني كلما تذكرت فاجعة فض الاعتصام وأشعر بالأسى على كونني لم أستطيع فعل شيء لمن تم اغتصابهن، من مشاهد الاغتصاب شاهدت مجموعة بالأزياء المبرقعة الغريبة بينهم زي الدعم السريع المعروف والمعتاد والمميز بالبوريه الأحمر مثل بوريه الشرطة العسكرية وربما أخف درج منه في درجة الحمرة، كانو داخل مبنى كلية الأشعة يفعلون فعلتهم الشنيعة على ثلاث فتيات هذا ما استعطت تمميزه وقتها، ومشهد آخر يدل على كونه اغتصاب داخل خيمة بجوار عيادة الكهرباء سمعت صراخ فتاة وهي تنطق بجملة (حرام عليكم.. وعلى صوتها عدم القدرة على مواصلة النهيب) ولم أستطيع تمييز عدد العناصر أو إن كان هناك فتيات أخريات.
ومن ما هو مؤسف أحد الأصدقاء كان يجري بثا مباشرا أثناء فض الاعتصام وهو الصديق (راني فرح) بعد أن فارقته بلحظات سمعت صرخته حين تمت إصابته ولم أتمكن من العودة إليه، وما لاحظته أثناء محاولات الخروج من محيط الاعتصام مجموعة من العساكر والظباط كانوا يقفون أمام سير القيادة بشكل مصطف لم يفعلوا أي شيء سوى التلويح بالعصي والبنادق للثوار بالفرار وعدم الاقتراب منهم عندما حاول البعض الدخول لمباني القيادة والاحتماء داخلها، وعلى ذات الجانب كانت تقف محجموعة من البكاسي البيضاء محملة بقوات يرتدون ذات الأزياء المشار إليها كأنهم ينتظرون لحظة ما أو توجيهات قد تأتي، وهذه القوات أن تمكنت القوة الأساسية من الدخول عبر جسر النيل الأزرق لميدان الاعصام والانتشار في المحيط وتفريق المتظاهرين تحركت القوات الأخرى بالتمشيط لاعتقال كل من وجدوه داخل المحيط وعرفت ذلك من خلال التوثيقات التي حملتها مقاطع الفيديو، وكنت آخر ما أتذكره عند الخروج من محيط الاعتصام عبر طريق بنك السودان من الجهة الجنوبية اصطف مجموعة من عناصر قوات الدعم السريع وكانت مهتمهم تعذيب كل ما يحاول الخروج إما عاد للمحيط أو كتب له النجاة بعد أن ينالوا منه، وأذكر عندما تجاوزنا مبنى الشركة العربية غربي بنك السودان مع شارع السفارة التركية فقدت الوعي حينها وعدت للحياة وأنا داخل إحدى غرف الطوارئ بمستشفى الزيتونة والمشهد أمامي عندما جلست مجموعة من الأطباء حاولوا انعاش روح أحد الشهداء دون جدوى.
الجريدة