Flag Counter
مقالات سابقة
مشروع التسوية الجديد، مصيره السقوط لا محالة!!
قالن لي قولا تسر
تنفع زمان الضر
كل البلاد ام در
الخطوة في الشارع
منبثة ثورية
بق الغضب طالع
ابرول و طورية
شافع ورا النافع
طلبة و افندية
ما الصبر ما نافع
في ايام كركية
ذات وضع همباتي
و احوال متل ديه
مليونية الرابع و العشرين من مارس ٢٠٢٢م ، لم تختلف من حيث الجوهر عن مواكب الحادي و العشرين من الشهر نفسه، لكنها شهدت اتساعا في المشاركة، حيث عادت للشوارع- و خصوصاً في ام درمان، السيول البشرية الجارفة، مع المشاركة الاقليمية الواسعة و مثال لها الحضور الثوري الوازن في القضارف و عطبرة. و لم تفارق سلطة العصابة الحاكمة نهجها في التصدي بالعنف المفرط للحشود الثائرة، حيث ثابرت على استخدام سلاح الخرطوش لتحقيق اصابات معيقة او مميتة، و لم تنس ان تمدد ظاهرة القتل خارج نطاق القانون الى الاقاليم، التي اصبحت تقدم الشهيد تلو الشهيد. أيضاً واصلت السلطة الاعتقال بطرق جديدة و مشينة، حيث ادخلت الاختطاف عبر الاستدراج كوسيلة الاعتقال، و هو ماتم في اعتقال طالبة الاحفاد ياسمين، كما عادت للقتل تحت التعذيب و مددت ذلك ليرتقي شهيد لجان المقاومة في الجنينة.
و الواضح هو أن الفرز و الاصطفاف قد اكتمل، و ان تمرير التسويات المهينة التي تهدف لتعويم العصابة الحاكمة و إعادة الحال الى ما كان عليه قبل انقلاب اكتوبر ٢٠٢١م الكاشف غير ممكن. و لكن هذا لم يمنع المجتمع الدولي و القوى الاقليمية من المحاولة ، التي مازالت تجري على قدم وساق ، لإنتاج واقع جديد و معالجة الانسداد السياسي الراهن. فمسألة فشل الانقلاب و استحالة استمراره كسلطة او تعويمه بإشراك واجهات مدنية، لم تعد موضع خلاف ، و اصبحت بينة و حقيقة واقعة حتى لداعمي الانقلاب، بفضل صمود و اصرار و تضحية الشعب السوداني، مما دفعهم للتحرك في اتجاه يحمي مصالحهم، عبر محاولة إخراج تسوية جديدة، تعيد انتاج الشراكة مع تخفيف وطأتها ، بوضع بعض المساحيق لها. و الناظر لكتابات بعض الكتاب وثيقي الصلة بالدوائر الاقليمية الفاعلة ذات الحضور في المعادلة السياسية السودانية، يجد ان المشروع التسووي الذي يناقش في اطار الحجيج المستمر لابوظبي السري و المعلن، هو كما يلي: تسليم السلطة لحكومة كفاءات مدنية متوافق عليها، و مجلس سيادة مدني من ثلاثة اشخاص، و مجلس تشريعي يضم الحركات المسلحة و التيار التسووي في (قحت) و بقية القوى السياسية في معسكر الانقلاب و الاسلاميين عدا المؤتمر الوطني، و مجلس امن قومي يكون الانقلابيين من العسكريين و قيادة الجنجويد نواته و المسيطرين عليه. و إخراج هذا السيناريو، يعوقه فقط رفض بعض قوى التيار التسووي وجود عصابة الانقلاب في مجلس الامن القومي، و المطالبة باستبدالهم بعسكريين آخرين، مع الموافقة على اعطاءهم حصانة و عدم مساءلتهم عن الجرائم التي ارتكبوها. و ذلك حتى يتسنى لهذه القوى التسووية، تمرير التسوية تحت زعم أنها تقود لتصفية الانقلاب، و هذا الزعم يعيقه وجود الانقلابيين في السلطة بأي شكل من الاشكال.
و الواضح أن هذه التسوية ان تمت، سوف تواكبها دعاية ضخمة جداً حول النجاح غير المسبوق لقوى التسوية في هزيمة الانقلاب، و تجريم و تشكيك القوى الثورية التي سوف تستبعد من المشاركة و خصوصا لجان المقاومة، ما عدا البعض الذي سيتمكن التيار التسووي من استقطابه ليسرق عبره اسم اللجان كما سرق من قبل اسم تجمع المهنيين. و هذه التسوية يمهد لها عدد من الإجراءات، منها صدور قرار ذو صفة تشريعية ملزمة لحكومة بايدن من الكونقرس بإدانة الانقلاب و تسميته انقلابا لأول مرة بصورة رسمية امريكية، وضخ ودائع اماراتية في سبيل المعالجة الجزئية، و الاتفاق مع السعودية للاستثمار بشرط الاستقرار السياسي الذي اشترطت ان يكون مدخلا لهذا الاستثمار.
لكن مهندسي هذه التسوية يتجاهلون حقائق لا يمكن تجاهلها، اهمها هو ان استبعاد القوى الثورية صاحبة المبادرة و المهيمنة على الشوارع، لن يسمح بإستقرار السلطة الجديدة و سيقود الى سقوطها حتماً. فهو سيدفع القوى الثورية للاستمرار في احتجاجاتها و رفضها، و لن ينجح التيار التسووي في تقسيمها و تشتيت قواها، لأن أهم قياداته المتمثلة في قيادة حزب الأمة فاشلة في تمرير هذا الخط حتى داخل حزبها، و من نافلة القول ان الميرغني لا وجود له وسطها بالاساس، و ان القوى الأخرى في التيار التسووي أقل كفاءة من ان تقوم بهذه المهمة، و ان كان من الممكن ان تعيق بعض النشاطات الثورية. كذلك يفوت على هؤلاء المهندسين، ان على السلطة الجديدة ان تواصل قمع الثوار في حال استبعادهم، و هذا يحتم المواجهة بين سلطة التسوية و الشعب، و يستدعي مزيد من عسكرة السلطة في تناقض واضح مع مزاعم مدنيتها، كما أنه يستلزم الركون للعصابات النظامية المنهكة الراهنة ، و التي استهلكت في حالة استعداد لستة اشهر، لتنجح في مافشلت فيه طوال هذه المدة.
لذلك القراءة الصحيحة هي ان التسوية التي تطبخ على نار هادئة مصيرها الفشل، لأنها تعمل بالضد مباشرة لما يريده الشعب السوداني و شارعه الحي. و لكن لا يجب انتظار ان تفشل هذه التسوية من نفسها و بنفسها، لان افشالها يستلزم مزيدا من الوحدة بخلق المركز التنسيقي الموحد، و استكمال الحوار للتوافق على ميثاق و برنامج واحد، مع صياغة وثيقة دستورية او اعلان دستوري بديل لدولة انتقالية مدنية خالصة، و الاستعداد للصراع الممتد مع قوى الهبوط الناعم بشقيها (العصابة الحاكمة و التسوويين) في كافة المستويات.
و قوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!
٢٥/٣/٢٠٢٢
Share |