يا تو رصاص ما عقبو خلاص
ياتو محن تمحى الإحساس
لما يكون في الساس و الراس
يا تو زمن دام للانجاس
مليونية السابع من فبراير ٢٠٢٢م، و الشوارع تؤكد ان المبادرة مازالت بيدها، و ان موقفها لن يتغير، و ان مخزونها البشري صامد و مستعد للتضحية، و ان اقاليمها مازالت تساند عاصمتها و ان ثوارها هم هم في مدني او الخرطوم. رباطة جأش و وضوح رؤية و رفض للمساومة و للحوار الذي يعيد انتاج الأزمة. اكدت الشوارع في شعاراتها الموقف المبدئي من حوار المسهل فولكر، الذي مازال يدلي بالتصريحات لاجهزة الإعلام مطالبا الانقلابيين بالكف عن قمع المتظاهرين و إطلاق سراح المعتقلين لتهيئة الجو للحوار، في أصرار غريب على الدعوة لحوار بين الشعب السوداني و قواه الحية و العسكريين الانقلابيين و جنجويدهم. و لا نعلم حتماً كيف يكون الحوار الذي يدعو له السيد/ فولكر، داعما للتحول الديمقراطي الذي شكلت البعثة التي يرأسها لدعمه وفقا للقرار الصادر من الامم المتحدة لدعم الانتقال الديمقراطي! فالشوارع التي لا تخون و قوى الثورة الحية، اوضحت و بشكل جلي ألا انتقال و تحول ديمقراطي الا بإسقاط الانقلاب و بناء دولة انتقال مدنية خالصة، و القوى الحية ممثلة في لجان مقاومة مدني المبادرة و تجمع المهنيين، رفضت مقابلة فولكر و اكدت ان موقفها معلوم أساسه اسقاط الانقلاب لا التفاوض معه. فالتفاوص يعني ابتداءا الاعتراف بالانقلابيين باعتبارهم طرفا في الحل في حين انهم هم المشكلة، كذلك يعني قبول بمبدأ الشراكة مع العسكر بدلا من عودتهم الى ثكناتهم دون قيد او شرط، و يعني أيضاً دخولا في دائرة المساومة و التنازلات المجانية، و كل هذا مرفوض من الشارع لانه يعني تعويم الانقلاب و الاعتراف به و شرعنته، تماما كما فعل حمدوك في اتفاقه مع برهان بمباركة نفس المؤسسات التي تدعي التسهيل الآن.
و الواضح هو ان الانقلابيين انفسهم، ليسوا على استعداد للاستجابة لدعوات فولكر الساعية لتعويمهم، قبل أن يتحققوا من كسر إرادة الشارع عبر العنف، ليستمروا في السلطة بواجهة مدنية راغبة في مشاركتهم تحت عنوان شراكة تكرس يد العسكريين العليا و تحمي مكتسبات تمكينهم. لذلك واصلوا في مقابلة التظاهرات بالعنف المفرط، و لم يطلقوا سراح المعتقلين بل واصلوا في عمليات الاعتقال. وفي سياق اصرارهم على فرض ارادتهم على الجميع، لم يكتفوا بالقمع و الاعتقال، بل أضافوا اليهما محاولة خلق حاضنة سياسية و مقابلة شارع بشارع. فتجميع الادارات الاهلية المصنوعة و شراء الذمم مازال مستمرا، و تسيير مسيرة هزيلة ضد التدخل الاجنبي لارسال رسائل للمجتمع الدولي دشنت بداية لصنع شارع بديل من قواعد نظام المخلوع البشير معلن و مسنود من القوات النظامية، و محاولة تعزيز ذلك بتسيير قطار للفلول من عطبرة لم يستطع المسير الا بعد ضرب الثوار و مطاردتهم من قبل العسكريين، كل هذه الإجراءات رامية لخلق شارع بديل في مواجهة الشارع الحقيقي، و لكنها تبقى محاولات بائسة مصيرها الفشل الحتمي.
فالسيادة و النصر الحتمي للشارع الحقيقي صاحب القضية و المشروع السياسي الواضح، و المستعد للتضحية و الرافض للمساومة. و لا يشكك في نصره انحسار لحظي او تراجع في عدد المتظاهرين ان حدث، لأن جوهر العمل الثوري هو بقاء إرادة التحدي و وضوح الرؤية و إكتمال حالة الوعي مع تعدد وسائل النضال و الصبر ليكتمل التراكم، في مقابل فشل السلطة في تثبيت نفسها و الاستمرار في الحكم بنفس الصورة التي تحكم بها، لتتحقق الأزمة الثورية. و الناظر للثورة السودانية، يجد ان قواها تتقدم بثبات في اتجاه نصرها المؤكد و هو بلا شك قريب.
و قوموا الى ثورتكم يرحمكم الله!!
٨/٢/٢٠٢٢