جات الحشود من جم
شوف شعبنا اتحزم
الدم قصاد الدم
ما بنقبل الدية
مواكب و مسيرات الرابع و العشرون من يناير ٢٠٢٢م، محطة فارقة في مسيرة ثورة شعبنا العظيم، و نقطة متقدمة في طريقه نحو النصر المؤكد. فهي من ناحية أكدت الوجود الفاعل و الوازن للمشاركة الإقليمية بخروج اثنان و عشرين مدينة و منطقة، و من ناحية أخرى أوضحت فاعلية كبرى لهذه المدن في صنع التغيير. فما حدث بمدينة مدني حاضرة ولاية الجزيرة، كان خروجا كاملا للمدينة لا لثوارها فقط، توج الرفض الواسع الذي واكب تشييع شهيدها محمد فيصل شعيرية، و عزز مبادرة لجان مقاومتها التي طرحت ميثاقا لقوى الثورة لاستكمال ثورتها و عممته للمناقشة. و هذا دلالة على أن هذه الطعنة النجلاء التي سددتها مدني إلى خاصرة الانقلاب، ليست حدثا معزولاً، بل مفردة في سياق لغة وطنية تتشكل بلا مركز لتنتج مركزها الموحد. و هي إشارة إلى صحة التمدد الأفقي للثورة، و البناء القاعدي لمؤسساتها التنسيقية، بمستوى يسمح بالمبادرة من أي مكان في إطار التنسيق، و يكسب الثورة مرونة و حيوية غير مسبوقة. فمبادرة لجان مقاومة مدني حاضرة ولاية الجزيرة، تعني أن الثورة موجودة و فاعلة في جميع البلاد لا في المركز فقط، كما تعني بأن لجان المقاومة الممتدة في جميع أنحاء البلاد، ليست فاعلة و منظمة فقط، بل منتجة للمعرفة و قادرة على تشكيل الوعي و إنتاج المشاريع، و أنها مدركة لدورها القيادي و المؤسس. و بغض النظر عن الاتفاق مع مشروع ميثاقها أو الاختلاف معه، يصبح مشروعها نقلة نوعية للثورة و قواها، التي صممت على خلق و توثيق مشروعها الخاص، تأكيدا لما ابتدرته اللجان نفسها في المركز. و لسنا في حاجة إلى القول بأن الميثاق، تبنى على أساسه تنسيقية مركزية للجبهة اللازمة لإنجازه من القوى القاعدية في منظماتها المختلفة، مع المحافظة على السمة التنسيقية المرنة، و يواكبه وثيقة دستورية جديدة لدولة مدنية خالصة بكل تأكيد.
و في المقلب الآخر، مازال الانقلاب و قواه في تخبط، ففي مواكب الأمس واصل وسيلته الوحيدة التي لا يملك سواها، و قابل المواكب بالقمع المفرط، ليرتقي عدد من الشهداء في الخرطوم و الأقاليم. و هو برغم ذلك فاشل حتى اللحظة في فرض حالة الطوارئ التي أعلنها، كما أنه أكد فشله في تعيين حكومة و اكتفى بتكليف وكلاء الوزارات بتصريف الأعمال، كذلك لم يفده شيئاً محاولة الالتجاء إلى إدارة أهلية مصنوعة، و لا تمكن من كسر إرادة الجماهير بالقتل و الاعتقالات، و ليس لديه ما يقدمه في الجبهة الاقتصادية المأزومة. و لكن يجب أن ننوه إلى تخطيه كافة الخطوط الحمراء، بمداهمته منزل الباشمهندسة أميرة عثمان رئيسة منظمة لا لقهر النساء بعد منتصف الليل بأكثر من عشرين مسلح لاعتقالها، دون تقدير لظرفها الصحي الخاص. فالسلوك لا يعكس انعدام القيم فقط، بل يوضح مدى حالة الخوف و الهلع من مناضلة تعاني من ظروف صحية بالغة التعقيد، و يؤكد أن هذه العصابة منبتة الصلة و لا علاقة لها بقيم الشعب السوداني النبيل.
بالإضافة إلى ما تقدم، ما زالت القوى الداعمة للانقلاب في المجتمع الدولي تراوح مكانها و تناور حتى تتمكن من تعويم الانقلاب برغم فشلها. لكن حراكها خلف الكواليس، يظهر في منابر القوى التي تتمنع و هي راغبة في العودة للشراكة مع العسكريين المجرمين. و نرى ذلك في منابر تقيم ندوات تتقمص دور الحكمة و العقلانية و تدعو للحوار، و ساسة يزعمون أن المدنية تعني التحالف مع العسكر (كذا و بالحرف الواحد!!!)، و آخرون يؤكدون أن الاستسلام للانقلابيين (يسمونه التسوية للدلع) هو الوسيلة الوحيدة لحقن الدماء، و يرغبون في أن نرسل رسالة للمجرمين بأننا سنستسلم كلما قتلونا أكثر، و سنتخلى عن دماء شهدائنا.
رد الشارع السوداني العظيم على كل هؤلاء هو مزيدا من الصمود، و مزيدا من الشهداء ، و مزيدا من الوحدة عبر ميثاق موحد و قيادة تخرج من وسط الجماهير، شعارها واضح لا تفاوض و لا شراكة و لا مساومة و لا شرعية.
و قوموا إلى ثورتكم يرحمكم الله!!!
٢٥/١/٢٠٢٢