صفحة الشهيد امين بدوي إبراهيم

التاريخ
يوم:18،شهر:أكتوبر،سنة:1997
المناسبة
بيوت الأشباح والاغتيالات
المنطقة الأصل
الإقليم الشمالي
المكان
الخرطوم
إسم الأم
?
الصفحة علي الفيسبوك
?
الصفحة علي تويتر
?
الصفحة علي اليوتيوب
?
امين بدوي إبراهيم
سيرة ذاتية والملابسات
ابن مدينة عطبرة الحديد والنار
تم أعتقاله في 6 اكتوبر وتم تعذيبه حتي استشهد في 18 اكتوبر 1997
***
السيرة الذاتيـة للشهيد امين بدوي ابراهيم السيد وملابسات استشهاده تحت وطأة التعذيب في اقبية بيوت الاشباح

ولد الشهيد أمين بدوي إبراهيم السيد بـمدينة عطبرة حي المربعات، وذلك في عام 1958 و ترعرع في ذلك الحي الذي يجاور حي السوق و حي جدعو حيث مقر نقابة عمال السكة حديد، خلية النحل الضاجة بالاجتماعات و الندوات و القرارات الكبرى التي كانت تصدر من النقابة ومن دارها. كلنا تأثرنا بوجود هذا المقر في حينا. وكانت تقطن معنا في حي جدعو عائلة سلمان (أب بعنيب) زوج سكينة إبراهيم السيد عمة الشهيد.
كان لـسلمان ثلاثة أبناء؛ معتصم و يحي و كمال. ومن بعض نشاط الطفولة كنا نلعب كرة القدم، وكان يحي وكمال ضمن مجموعة اللعب، ودائماً ما يحضر ابن عمتهم أمين بدوي من حي المربعات ليشارك معنا، ولكن كنا نمنعه لقلة حجمه وصغر سنه، و كان يحتج على ذلك باكياً.
والد أمين هو بدوي إبراهيم السيد، كان معلماً بارزاً، وقد تدرج حتى صار ناظراً لعدة مدارس؛ أم بكول، حي السوق، السكة حديد، الغربية، حي المطار، الشُرّام بربر، والفاضلاب غرب عطبرة. توفي الأستاذ بدوي إبراهيم السيد إلى رحمة مولاه أثناء تأدية واجبه بذبحة صدرية لم تمهله طويلا.
أما والدة الشهيد فهي رقية أحمد الشيخ، المولودة بالشمالية في مدينة الغابة عام 1945 ، وانتقلت إلى الرفيق الأعلى بمدينة عطبرة في ديسمبر 2018 .
تلقى الشهيد تعليمه في المدارس الآتية: الشرقية الإبتدائية والعمال المتوسطة وعطبرة الحكومية القديمة العليا. وعمل بعد تخرجه من الثانوي في سلك التعليم، معلماً للغة الإنقليزية.
وباعد بيني والأستاذ الشهيد الزمن والمسافة، إذ لم أقابله منذ أن افترقنا في مدينة عطبرة بداية السبعينات من القرن الماضي إلا وقد جيئ به معتقلاً مرحلاً من عطبرة إلى سجن كوبر هو والأستاذ السر خضر المحامي و محمد الدبل الموظف بالسكة حديد و محمد عبد الباري (رحمه الله) النقابي السابق بالسكة حديد و كان ذلك في بداية العام 1990 ، حيث قضيت معهم بسجن كوبر حوالي الثلاثة أشهر قبل أن يتم ترحيلي إلى سجن الدويم. أطلق سراحي لاحقاً من سجن الدويم في يناير 1991 وعلمت أن العطبروايين قد أطلق سراحهم من كوبر و رجعوا إلى مدينة عطبرة، وأنه قد تم نفي الشهيد إلى مدرسة بمنطقة الرميلة إحدى القرى المجاورة لخشم القربة. وبعد أن أكمل سنتين في تلك المنطقة تم نقله إلى مدرسة كوبر ببحري و منها إلى مدرسة حلة حمد والوابورات، وذلك ليكون بعيداً من مدينة عطبرة وقريباً من أعين عسس وبصاصي النظام بالخرطوم.
منذ أن إفترقنا في الربع الأول من عام 1990 في كوبر كما ذكرت آنفاً مرحلاً لسجن الدويم ثم إطلاق السراح، أُعدت أنا أربع مرات إلى بيوت الأشباح، كانت الأولى في الفترة من مايو وحتى نوفمبر 1991 و كان شهودها مجموعة التشكيلين منهم صلاح سليمان، علي الأمين، عادل القصاص، عبدالواحد وراق، جاه الله، وأيضاً النقابي عمر عدلان، فتحي ضرار، الأستاذ أحمد يس، عبدالكريم كرومة، الفاتح محمد عبد الماجد(النقل النهري)، وأبوبكر الأمين، ومجموعة من الإخوة الجنوبيين بقيادة الأخ ألبينو، ومن الأخوة من جبال النوبة الأخوان صلاح سبت، الأمين كوكو بعشوم، ومجموعة من الأجانب إرترييين وأثيوبيين ومصريين وأمريكي من أصل أفريقي إسمه منزل وهو شيعي، وآخرون. كانت تلك الفترة من أصعب وأشرس الفترات التي قضيتها في بيوت الأشباح، ومكثت فيها مدة ستة أشهر كاملة متنقلاً بين البيوت الثلاثة: المنزل الواقع جوار سيتي بنك، ومنزل مامون عوض أبوزيد وثالثهما مقر اللجنة القومية للإنتخابات. تم إطلاق سراحي ليلاً وأنا معصوب العينين حتى لحظة إنزالي من البوكس في منطقة إكتشفت مؤخراً أنها تقع شرق كوليزيوم.
أما الفترة الثانية فقد كانت من فبراير وحتى أغسطس من العام 1992، ثم فترة ثالثة لمدة شهر واحد في عام 1994، ورابعة لمدة شهرين في نفس العام.
أما عام1996 فقد كان عام الإستدعاءات المتكررة لمكاتب الجهاز لمقابلة فرد أو أكثر ولفترة إنتظار قد تطول أو تقصر، وهي إحدى الوسائل لإعاقة المستهدفين ليس فقط من ممارسة أي نشاط معارض وإنما لجعل حتى مزاولة كسب العيش مستحيلة، وفوق كل ذلك هم غير مسؤولين حتى عن تقديم أي وجبة أو مشروب لك خلال فترة الإحتجاز غير المحددة، كما أنهم يضمنون عدم ورود إسمك ضمن أي قائمة للمعتقلين مما تلاحقهم بها المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية.
كانت هنالك أعداد كبيرة ممن نزحوا من عطبرة للعاصمة يفضلون السكن بمدينة الدروشاب لتواجد عطبراويين سكنوها قبلهم حيث يسعى الجميع للبحث عن التقارب والإلفة والتعاضد والتعاون مع أهل وجيران ورفاق عمل في مدينة لم يألفوها من قبل، وتدريجياً صار المجتمع العطبراوي ينمو شيئاً فشيئاً، وكعادته، إنصهر في علاقاته الإجتماعية الوطيدة والمتشابكة وإنغمس في تعاطيه المعهود في الشأن السياسي وغير السياسي.
بعد أن تم نقل الشهيد إلى الخرطوم كما ورد سابقاً،نهاية 1992 وبداية 1993، جاء مباشرة للسكن معنا بالدروشاب (عطبرة الصغرى) هو وأـسرته المكونة من زوجته ووالدته وإخوانه قاسم ومحمد.
كان الشهيد كتلة من النشاط الإجتماعي والثقافي والخدمي، فولج مجتمع الدروشاب من أوسع أبوابه واكتسب صداقات جديدة كثيرة، فصار علمآ في مجتمع الدروشاب.
كان لديّ محل مرطبات أسميناه عبادة للمرطبات، وهو يقع بالقرب من المحطة الرئيسية وتسمي محطة 17 ، هذه المحطة هي نقطة إنطلاق أي حركة إحتجاج أو مظاهرة بالدروشاب. كان المحل يقدم اللبن البارد والساخن والكيك المنزلي الصنع
مما كانت تصنعه زوجتي الفضلى ورفيقة الدرب سكينة إسماعيل، وبإقبال الزبائن المتزايد وبمرور الزمن بدأت أحوالنا المادية تتحسن قليلاً، إلا أن المحل صار مرتعاً لمنسوبي الأمن و البصاصين.
كانت جريدة الميدان السرية قد أوردت خبراً مفاده أن مجموعة من كوادر الجبهة القومية الإسلامية قد تم تدريبها في إيران على أعمال التعذيب المختلفة و من بينها الصعق بالكهرباء، وبنقاشي مع الشهيد أمين حول خطورة هذا الموضوع، تطرقنا إلى أنه قد جُرّبت فينا كل أصناف التعذيب إلا الصعق الكهربائي، وتمنينا ألا نمر أو يمر غيرنا بتجربة مثل هذه. كان من المؤكد أن إغتيال الشهيد تحت التعذيب قد جرى بعملية الصعق الكهربائي ضمن وسائل تعذيب أخرى مما سيتم ذكره لاحقاً.
جاء عام 1997 ، واشتعلت الدروشاب بحركة شبابية ناهضة إستطاعت أن تسيّر أكثر من موكب معارض للنظام، مما جعل الدروشاب في مرمى الإستهداف الأمني.
وفي يوم 7 من شهر سبتمبر 1997 كان التواجد الأمني بالدروشاب مكثفاً لأ هناك إرهاصات تسيير موكب في ذلك اليوم، فقابلت الشهيد وبلغته بنيتي مغادرة الخرطوم إلى مناطق اللاجئين في الحواتة والمفازة وأم راكوبة وال طنيدبة حيث كنت أعمل بعد فصلي في فترة الدكتاتورية المايوية حيث مكثت في السجن من عام 1980 إلى عام 1983 ، برفقة الزملاء أحمد البشير هبار والشفيع خضر وعبد الغني موسى وعبدالمنعم الجزولي و آخرين، مما سيرد تفصيله في سياق التوثيق لتلك الحقبة.
وبينما أنا عائد إلى المنزل فإذا بشاب صغير السن يتحدث في جهاز (التوكي ووكي) مردداً: (الهدف وصل...الهدف وصل) فأسرعت وطلبت من زوجتي أن تعطيني الشنطة المعدة سلفاً و تسوّرت بيت الجيران وخرجت من منزلهم بشارع جانبي ثم توجهت مشياً بأحد الشوارع الفرعية في اتجاه الغرب نحو شارع الكدرو حتى وصلت محطة الازيرقاب، وركبت منها قاصداً بحري‘ ثم إلى السوق الشعبي الخرطوم. توجهت مباشرة إلى مدينة ودمدني وبغير تردد إلى منزل الأستاذ مجدي سليم
المحامي، عليه رحمة الله، و الذي تعرفت عليه في سجن كوبر، وكان من ضمن المجموعة التي تم ترحيلها من مدينة ود مدني إلى سجن كوبر برفقة الأطباء؛ المرحوم د.مدني أحمد عيسى، والمرحوم د.محجوب محمد طه، والمرحوم د. فيصل الضوي و د.ضياء الدين محمد السيد ود.ميرغني حبيب الله.
رحب بي الأستاذ مجدي سليم، ولم نضع أي زمن، ففي الحال أخرج سيارته وذهبنا إلى قرية طيبة الشيخ عبدالباقي، وعرفني بالشيخ عبدالله (أزرق طيبة) شيخ السجادة القادرية العركية، الرجل الشهم الشجاع الذي ظل معارضاً لنظام الإنقاذ حتى سقوطه، ومكثت في ضيافته وحمايته مدة أربعه أيام في منزله وقد خصص لي غرفة في المنزل إلى أن تدبرت أمري فأذن لي بالرحيل، ومن المسيد توجهت إلى مدينة سنجة حيث منزل حمواي الكريمين والدي زوجتي، وبوفاة العم إسماعيل، كان يسكن في المنزل وقتها والدتها الحاجة آمنة حسن وأخوها الكبير أحمد إسماعيل. اتصلت فوراً بالزميل عمر عدلان المك وكنا قد مكثنا سوياً ما يقارب الخمسة أشهر فيما يعرف بالصالون من بيت أشباح حقبة مايو – نوفمبر 1991.
وفي يوم 18أكتوبر 1997 ، جاءني الزميل عمر عدلان بالخبر الفاجعة، وهو أن الأستاذ أمين بدوي قد قضى نحبه شهيداً تحت التعذيب في ذلك اليوم في أحد بيوت الأشباح.
قصة القبض على الشهيد:
في يوم 8 أكتوبر1997 ، داهمت قوة كبيرة من جهاز الأمن منزل الشهيد أمين فوجدت برفقته أشقاءه محمود بدوي ومحمد بدوي و قاسم بدوي، كما كان معهم خالد محمد إبراهيم إبن عم الشهيد، ومن الجيران حسن محمد حسين وعوض توتو، وقد تم اعتقالهم جميعاً.
تم لاحقاً اطلاق سراحهم جميعآ في نفس الليلة من مكاتب الأمن بقرب مقابر فاروق بالخرطوم وأمروهم بالذهاب مشياً على الأقدام حتى الدروشاب، وقد وصلوها بعد شروق الشمس,
وعلمت بعد ذلك أنه تم استدعاء شقيق الشهيد قاسم بدوي وأخبروه بأن شقيقه أمين توفي جراء الملاريا وأن الجثمان بمشرحة المستشفي، ثم طلبوا منه الذهاب لاستلام الجثمان. إصطحب معه من أبناء مدينة عطبرة الأستاذعادل حماد وكيل نيابة أراضي الخرطوم والسيد طارق هجو صديق الشهيد وعماد العطا مقدم في حركة مرور الخرطوم، وكان بالمشرحة إختصاصي الطب الشرعي البطل دكتور الكوباني، فطلب منه قاسم بدوي تشريح الجثمان لمعرفة أسباب الوفاة. تمت عملية التشريح بواسطة دكتور الكوباني تحت حراسة أمنية مشددة قامت بتطويق المشرحة، إلا أن دكتور الكوباني وبعد أن أنهى التشريح نزل على الأرض متظاهراً بأنه يقوم بربط حذائه، وحشر تقرير التشريح في جورب طارق هجو الذي كان بالقرب منه وهمس محذراً إياه بأن يعرف جلاوزة الأمن بهذا التقرير، وأوصاه أن يقوموا بالإحتفاظ به إلى أن يحين وقته. قام طارق هجو بتسليم التقرير للمحامي يحي سلمان إبن عمة الشهيد.
تم إحضار الجثمان إلى منزل الشهيد بالدروشاب تحت حراسة مشددة وجنود مدججين بالسلاح، وكانت خطتهم الإسراع بالدفن دون أن تتمكن والدة الشهيد من إلقاء نظرة الوداع عليه، ولكن قام أحد أبناء الدروشاب الجسورين واسمه جلال يوسف بفتح رباط الكفن بعد أن طلبت منه والدة الشهيد القيام بذلك للتأكد من أن المتوفى هو إبنها. وبعد أن تم فتح الرباط رؤيت آثار حريق واضحة على الصدغين ومقدمة الرأس وآثار حريق في العين اليسرى وحريق بالصدر في الجانب الأيسر جهة القلب، كل هذه الآثار تدل بصورة واضحة على أن الشهيد قد تعرض للصعق الكهربائي. وتحت تهديد الكلاشات ومحاولة إثناء جلال يوسف بضربه على ظهره
وهو غير عابئ وتحمل كل الضرب حتى تمكنت والدة الشهيد من رؤية إبنها ووداعه ، ثم أعاد رباط الكفن كما كان.
كان من بين الحضور والدتي الحاجة زهرة سيد يوسف وشقيقتي مسعدة أحمد عبادة عليهما الرحمة، وكذلك وزوجتي والزميل علاء الدين نقد وقد هتفوا وهتف معهم الجمع شهيد شهيد أمين شهيد.
وبمعاونة الأمن الشعبي بالدروشاب، منع كلاب الجهاز صلاة الجنازة على الشهيد في الجامع المجاور للمنزل بحجة أن الزمن قيلولة ولا تجوز فية الصلاة، ثم قام الأمن الشعبي بجر الجثمان جراً من قبضة أبناء الدروشاب وحملوه في عربة بوكس خاصة بالجهاز وكان القبر جاهزاً حيث ووري الثرى في مقابر أم ضريوة بالدروشاب. تبع أهل الشهيد وأبناء الدروشاب الجثمان من بعيد وعرفوا مكان القبر.
لم يكتف الأمن بهذا القدر من الخسة والترويع، بل أمروا الأسرة بالتحرك الفوري إلى عطبرة بواسطة عربة دفار أحضروها خصيصاً لنقلهم وأرغموهم على السفر والرحيل في نفس اليوم.
وفي عطبرة تم استدعاء أبناء عطبرة الذين يعملون في الجهاز وهم بابكر حمدتو وكان عميداً في الأمن الإقتصادي وأبو عبيدة مهدي، وكان دورهم هو تهدئة الجموع الغاضبة وأن يتم المأتم لعدة ساعات فقط، وقد نقل من رآهم أنهم كانوا يرتعدون خوفاً و رعباً.
هذه هي القصة الكامله لاستشهاد الأستاذ أمين بدوي السيد فلا زال بعض الشهود باقون وقد أدلوا بشهادتهم عند النيابة المختصة، ولكنا لا نزال في انتظار المحكمة التي لم تر النور بعد، لإحقاق الحق وللقصاص من كل من أجرموا في حق الشهداء وفي حق من تعرضوا للتعذيب في بيوت االأشباح.

(ارقد بسلام أيها الشهيد وقد أديت واجبك بشجاعة وتجرد لنصرة الفقراء والمستضعفين)........

اشكر ابنتي عبير و الاخ الاستاذ رفيق سجن كوبر عماد ادم بالمجهود الذي قاموا به ليري هذا التوثيق النور
و دمتم..........

لإرسال المزيد من بيانات الشهيد،الرجاء المراسلة علي الإيميل:  maryoodsudan@gmail.com

جاري تحميل التعليقات علي الفيسبوك